تتابع الـ «سوشال ميديا» باستمرار؟ انتبه لدماغك 5 مرّات

30-06-2018 12:33 PM - عدد القراءات : 465
كتب الحياة -لندن
في زمن الشبكات والشاشات، بات ثلث البشر يتصلون بعضهم ببعض عبر شبكات التواصل الاجتماعي (سوشال ميديا). ويعني ذلك بداهة أن تلك الشبكات باتت عنصراً مؤثراً بقوة على المجتمع. ماذا عن تأثيرها المباشر عليك أنت، على جسدك ودماغك مباشرة؟
تتابع الـ «سوشال ميديا» باستمرار؟ انتبه لدماغك 5 مرّات
في زمن الشبكات والشاشات، بات ثلث البشر يتصلون بعضهم ببعض عبر شبكات التواصل الاجتماعي (سوشال ميديا). ويعني ذلك بداهة أن تلك الشبكات باتت عنصراً مؤثراً بقوة على المجتمع. ماذا عن تأثيرها المباشر عليك أنت، على جسدك ودماغك مباشرة؟ أخيراً، أظهرت دراسة أميركية خمسة طرق مجنونة تؤثر بها «سوشال ميديا» على دماغك. 01- هل لا تستطيع التوقف عن التطلع إلى شاشة «سوشال ميديا»؟ هل لا تستطيع السيطرة على الوقت الذي تقضيه مع شاشة الخليوي؟ لست وحدك. للأسف، قرابة 10 في المئة من جمهور الإنترنت لا يستطيع ذلك. ويشبه ذلك عدم السيطرة على مشكلة الاعتماد على تعاطي المواد المغيّرة للكيف Drug Dependence، بمعنى الإدمان عليها. ووجدت بحوث علميّة في أميركا دلائل على التشابه بين التعوّد الاعتمادي على «سوشال ميديا» من جهة، والتعاطي الإدماني على مواد الكيف. إذ تبيّن أن تركيبة دماغ المدمنين على متابعة شبكات التواصل الاجتماعي، تتشابه مع ما يحصل في أدمغة المدمنين على مواد الكيف. وفي الحالين، يحدث تقلّص في حجم «المادة البيضاء» في الدماغ التي تساند عمل القشرة الرمادية، وهي المنوط بها عمليات التفكير والإحساس والذوق وغيرها. وعلى نحو خاص، يضطرب عمل المناطق المسؤولة عن الانتباه والتركيز، وتحليل الأحاسيس وصنع القرار. ولأن المطالعة تعطي إحساساً بنشوة المكافأة من دون بذل جهد كبير، يصبح الدماغ متعوّداً على ذلك النمط، بل يعيد صياغة دوائره العصبية كي تتوافق مع الكسب السهل للمكافأة والانتشاء. ويتعوّد على أن يطلب باستمرار المزيد والمزيد من التجارب المحفّزة التي تفضي إلى مكافأة نفسيّة تثير رعشة الفرح. ويتطابق ذلك مع الأثر الذي تحدثه المواد المُغيّرة للكيف، والمفضية إلى الإدمان. 02- ربما ينبهر الأهل عندما يرون أبناءهم الذين يطالعون الشاشات باستمرار، قادرين على إنجاز أكثر من مهمة في وقت واحد، وهو ما يشار إليه بمصطلح «تعدّد المهمات» Multi- Tasking. وهناك صورة مبهرة عن شخص يتنقل بسرعة بين الشاشات اللامعة. إذ يتحاور عبر شاشات التواصل، ويستمع إلى الموسيقى، ويتابع التلفزيون، وينظر إلى شاشة الـ «تابلت» أو الكومبيوتر وغيرها. تحتاج تلك الصورة إلى بعض التدقيق. وعلى عكس ظاهر الأمر تماماً، بيّنت بحوث علميّة أن أولئك الذين يستمرون في التنقل بين الشاشات الرقميّة المتنوعة، تنخفض قدرة دماغهم على إنجاز مهمة عادية تقتضي الاحتفاظ بالانتباه والتركيز عليها. وكذلك تثبتت البحوث من أن سرعة التنقّل بين المهمات تؤدي إلى انخفاض قدرة الدماغ على «فلترة» المحفزات الخارجية، بمعنى إجراء مفاضلة بينها واختيار ما يستحق الاستجابة وما يجب إهماله. وكذلك أظهرت مسوحات الدماغ بصور الرنين المغناطيسي، انخفاضاً في قدرة «متنقلي الشاشات» على إرسال المعلومات التي تجري مطالعتها بسرعة، إلى مراكز الذاكرة في الدماغ. 03- هل سمعت عن مرض معاصر اسمه «ظاهرة سراب الاهتزاز»Phantom Vibrations Syndrome؟ نعلم أنه عندما يدق الخليوي، يرافق ذلك غالباً اهتزازه. ولاحظت البحوث أن مدمني «سوشال ميديا» يهرعون إلى الخليوي في أحيان كثيرة، متوهمين أنهم أحسوا باهتزازاته أو سمعوا صوته، لكنهم لا يجدون شيئاً. لم يكن ذلك سوى سراب من صنع دماغهم الذي تأثر بالسلوكيات المختلفة التي ترافق مطالعة شاشات الـ «سوشال ميديا». وتبيّن أن 92 في المئة من متابعي شبكات التواصل الاجتماعي أقروا أنهم مروا بتلك التجربة، على الأقل مرّة كل أسبوعين. ويعني ذلك أن الأدوات الرقمية للاتصالات شرعت في تغيير دوائر الاتصالات بين أعصاب الدماغ، على نحو لم تفعله التقنيات سابقاً. 04- هل سمعت عن الـ «دوبامين» Dopamine؟ إنه كيمياء النشوة. نعم. إنه المادة التي تفرز في الدماغ عندما نصل إلى حال من النشوة أياً كان مصدرها: الحب، الفوز في مباراة كرة قدم، النجاح في الشهادة، الفوز بجائزة ماليّة ضخمة وغيرها. بالاختصار، إنه هرمون النشوة والمكافأة النفسيّة للإنجاز. وجد العلماء أن متابعي «سوشال ميديا» يحسون بأثر «دوبامين» كلّما تحدثوا عن أنفسهم وأمورهم. وتضخ أدمغتهم كميات أكبر من تلك المادة العصبيّة عندما يحسون أنهم يتحدثون عن أنفسهم إلى عدد كبير من الناس، كأن يكون لديهم عدد كبير من المتابعين لصفحاتهم وحساباتهم. ويحدث ذلك بنسبة 80 في المئة من إجمالي تواصلهم مع الآخرين عبر «سوشال ميديا». وبالمقارنة، لا يدور الحديث حصرياً عن الذات في التواصل المباشر بين الناس، إلا بنسبة تتراوح بين 30 و40 في المئة. بقول آخر، يصبح متابعو شبكات التواصل الاجتماعي أشخاصاً متمحورين حول ذواتهم، ويتضّخم الإحساس بالأنا لديهم. 05- هناك تأثير إيجابي وحيد للـ «سوشال ميديا»! والأرجح أنه يتصل بعنصر ثقافي واجتماعي. إذ وجدت الدراسات الأميركيّة أن نسبة النجاح في الزيجات التي تجري بعد لقاءات عبر الإنترنت، تكون أكبر من تلك التي تحدث بعد لقاءات شخصيّة مباشرة. والأرجح أن ذلك يتصل بمسار الفرديّة في المجتمعات الغربية عموماً. في تلك المجتمعات، ترسخت منذ عقود ظاهرة تفكك نموذج «الأسرة النواة» Nuclear Family، التي صعدت أصلاً (منذ الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر) على حساب تفكك الأسرة الممتدة Extended Family. ورسّخ ذلك الأمر فرديّة قوية، تساندها ثقافة ومسارات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة متنوعة. وفي المجتمعات الغربيّة المعاصرة، تتقلص باستمرار المساحات المشتركة، على غرار تقلص الأسواق إلى «مول». ومع تنميط أساليب اللقاء اليومي، صارت إمكانات اللقاءات المباشرة بين الأفراد، محدودة تماماً. من لا يعرف أن السهرة الأسبوعية في مقصف عند نهاية الأسبوع، مع ما يصاحبها من رقص وموسيقى ومشروبات روحية، تكاد أن تكون «الفرصة» الأبرز في لقاءات الشباب الغربي؟ الأرجح أن العلاقات التي تنسج في تلك الأجواء، تفضي إلى زيجات ربما تكون أقل متانة من تلك التي تتيحها التبادلات الاتصالية عبر السوشال ميديا. ولا تتوافر أرقام مماثلة عن الزيجات في المجتمعات الأوروبية التي تملك الفردية فيها مساراً مختلفاً نسبياً عن أميركا.


© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>