التخاطب بين الأدمغة حقيقة قريبة من الواقع

16-05-2018 11:50 AM - عدد القراءات : 590
كتب العرب -لندن
بحوث تكنولوجية لتحويل البشر إلى إنسان خارق قادر على قراءة ما يدور في عقول الآخرين أو تبادل الأفكار معهم بزرع رقاقات إلكترونية في جسمه.

من الممكن أن تصبح القدرة على التواصل بين البشر باستخدام أدمغتهم فقط، حقيقة واقعة خلال عقدين من الزمن، ما يعني أنه سيصبح بإمكان الإنسان قراءة ما يدور في عقول الآخرين أو تبادل الأفكار معهم دون أن يتكلم معهم.

قد يكون هذا الأمر ممكنا وفق العلماء الذين هم بصدد البحث في ما يسمح بالتواصل بين عقلي شخصين مباشرة وبعث رسائل صاغها أحدهما بعقله ثم أرسلها من خلال تواصل أنترنيتي إلى الشخص الثاني. جراح الأعصاب، إيريك لوثارت، من جامعة واشنطن، يعتقد أن التخاطر أو التواصل بين الأدمغة سيصبح أمرا واقعا خلال فترة قصيرة.

وأوضح لوثارت أن التخاطر لا يعني مجرد الدردشة بين الأدمغة، ولكن قراءة عقول الآخرين أيضا دون الحاجة إلى لوحة المفاتيح أو الهاتف أو حتى اللسان. ويعتقد أيضا أن أسهل طريقة لتحقيق هذا الهدف، تتمثل في الاستمرار بتقليص حجم أجهزة الكمبيوتر، حتى نتمكّن من احتواء الكمبيوترات الخارقة على شكل رقاقات في أدمغتنا.

وتحقق لوثارت بالفعل من هذا الموضوع مع علماء الكمبيوتر، وأخبره أحد شركائه في الأبحاث، غيروين شالك، أنه ما يزال هناك تحديات يجب التغلب عليها، قبل أن يتم تطوير التخاطر الحقيقي.

 

عدسات ذكية تعمل على إمداد البشر بقدرة بصرية غير مسبوقة مثل تقريب الأشياء وتوضيح كافة البيانات عنها بمجرد النظر، بالإضافة إلى إظهار الأجسام بشكل حراري. جهاز استشعار يجعل للبشر قدرات اتصال فائقة، والقدرة على معرفة معلومات عن أي شيء من مجرد لمسة. عضلات صناعية تجعل البشر قادرين على رفع أثقال 100 مرة أكثر من قدراتهم الطبيعية. كل هذه الابتكارات التكنولوجية ستجعل البشر العاديين خارقين كما في أفلام الخيال العلمي، خاصة إذا ما انضافت إليهم تقنية زرع رقاقات في المخ تسمح بالتواصل بين أدمغة البشر دون كلام أو استعمال أزرار

ويعتقد الجراح أنه سيكون قادرا على تطوير عملية الزرع، التي يمكن للأشخاص تطبيقها وشراؤها.

ونجحت في السابق تجربة زرع الرقاقات في جسم الإنسان تبعث منها موجات راديو تُخزَّن فيها كل البيانات التي تجعلها تحلّ محلّ جواز السفر وبطاقة الهوية والبنك والتأمينات ويمكن نسخ البيانات المحملة على الرقائق الإلكترونية بسهولة وإضافة ما يرغب به الإنسان إلى محتوى هذه الرقاقة وكأنها أشبه بالموقع الإلكتروني الخاص.

وبعد أن تمكّن الباحثون من تفسير النشاط الدماغي وتحويله إلى أوامر كمبيوترية يتم تلقينها إلى روبوت مساعد بدأوا البحث في إمكانية تلقين هذه النشاطات وزرعها في الدماغ البشري.

فطبيعة الدماغ البشري بحسب ما يقول العلماء تسمح بالإضافة إلى إرسال الإشارات تسمح باستقبال نبضات كهربائية، وبالتالي استقبال نشاط دماغي آخر من خلال تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة.

فتقنية التحفيز المغناطيسي تعمل على خلق مجال مغناطيسي معيّن حول الجمجمة، مما يسبب تولدا كهربائيا داخل الدماغ البشري بالشكل المطلوب، مثلا عندما يتم توليد الموجات المغناطيسية في منطقة القشرة الحركية، سيتم عندها استثارة وتفعيل المسارات العصبية الحركية، مما يؤدي إلى حركة الأطراف اليد والرجلين والأصابع وذلك حسب الأمواج التي تم توليدها.

إن استخدام تقنيتي التّخطيطِ الكهربائي للدّماغ لقراءة الموجاتِ الدّماغيّة وتفسيرها والتحفيز المغناطيسي لتوليدِ الموجاتِ الدماغية وتلقينها كانا أهمّ العاملين في إمكانيّة عمليّة التّواصل البشري عن بعد عبر تقنية الرباط بين دماغ ودماغ والّتي هي واجهة تخاطبية ما بين دماغَين بشريين، وتعتمد على تسجيل الموجات الدّماغية للشخص “أ” وتفسيرها وترجمتها عبر الكمبيوتر وإعادة توليد النشاط الدماغي المسجّل في القشرة الدماغية للشخص “ب” من خلالِ تقنية التحفيز المغناطيسي.

مرت هذه التجربة بعدة محاولات أخرى توصل خلالها العلماء إلى تجربة ناجحة لنقل النشاطِ الدماغي بين كائنين بشريين حيث تم وبنجاح نقل النشاط الدماغي المرتبط بتحريك اليد من دماغِ المتطوعِ الأول وتوليده في دماغِ الآخر الذي قام بالفعلِ بتحريك يده وعن بعد بالاعتماد على تقنيتي التخطيط الكهربائي للدماغ والتحفيز المغناطيسي لتوليد الموجات الدماغية.

وكانت آخر وأهم التجارب النّاجحة هيَ تجربة نقل الأفكار العقلية بين شخصين أحدهما في الهند والآخر في فرنسا بعد أن تم الاتفاق على كلمات معينة وترميزها بترميز ثنائي موافق مثلا، (1 = صباح الخير و0 = مع السلامة) ثم تم الاتفاق على أن يفكر الشخص الأول في إحدى الكلمتين بينما يتولد لدى الشخص لآخر إحساس برؤية وميضٍ معيّن يختلف حسبَ الكلمة التي فكر فيها الشخص “أ”.

كان الشخص “أ” يفكر في إحدى الكلمتين 1، 0 ليتم تفسير وفهم نشاطه الدماغي ونقل ما فكر به عبر الإنترنت إلى الطّرف الآخر.

التخاطر لا يعني مجردالدردشة بين الأدمغة، ولكن قراءة عقول الآخرين أيضا دون الحاجة إلى

في الطرف الآخر كانَ يتمُّ تحفيز المنطقة البصريّة للشخص “ب” ليتم توليد إحساس برؤية وميض معيّن يرتبط بالكلمة التي فكر فيها الشخص “أ”.

وبناء على أجوبة الشخص “ب” عن طبيعة الوميضِ الذي شعر برؤيتهِ ومقارنتها بما فكر به الشخص “أ” تمّ إثبات نجاحِ التجربة، فقد كانت النتائج متوافقة.

وفتحت هذه التجربة وتجارب مماثلة آفاقا جديدة على أصعدة شتى، بعد أن أماط الباحثون اللثام على أن هذا النظام الجديد يسمح بإرسال رسائل كونتها إشارات مخ أحد الأفراد عبر وصلة إنترنت إلى مخ شخص آخر يبعد بمسافة تقدّر بعدة أميال.

وتوصل العلماء في تجربة مماثلة إلى إرسال سلسلة من الأرقام الثنائية (تسلسل من الأصفار والأرقام الأحادية) بين دماغين بشريين، مستعينين بتقنية “التفاعل الكمبيوتري للدماغ” التي تسمح للكمبيوترات بتحليل إشارات المخ عبر شبكة الإنترنت.

وأثناء عملية النقل، تم توصيل أقطاب كهربية لشخصين بغية قياس مستوى النشاط في مناطق معينة بالمخ. ويقوم الشخص الأول بتوليد سلسلة من الأصفار والأرقام الأحادية، متخيلا تحرك ذراعهم الأيسر للصفر، والأيمن للواحد.

ويقوم كمبيوتر الشخص الأول بالتعرف إلى الأفكار الثنائية وترسلها عبر الإنترنت لكمبيوتر الشخص الثاني.

وتمكّن كومبيوتر الشخص الأول من إدراك الأفكار المنقولة بالنظام الثنائي الرقمي وبعث عبر الإنترنت لكمبيوتر الشخص الثاني هذه الأفكار.

ويقول كريستوفر جيمس، الذي عمل مع زملائه في جامعة ساوثهامبتون، إن التحارب المتعلقة بتقنيات التخاطب بين الأدمغة ستسمح للأشخاص بإرسال الأفكار والكلمات والصورة بشكل مباشر وفوري إلى داخل عقول الآخرين.

تطوّر تقنيات التخاطب بين العقول ستجعل من الإنسان كائنا خارقا على شاكلة ما كنّا نشاهده في أفلام الخيال العلمي، لكنها ستفتح جدلا أخلاقيا واسعا باعتبارها انتهاكا للخصوصية البشرية، كما أنها ستطرح مسألة قرصنة العقول على شاكلة ما نراه اليوم مع أجهزة الكمبيوتر.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>