كلفة التعددية على الإنترنت يدفعها الصحافيون والمدونون أولا

10-02-2018 05:46 AM - عدد القراءات : 1123
كتب العرب -لندن
أضاء تقرير جديد لليونسكو على الجوانب الإيجابية والسلبية لواقع الحريات على الإنترنت وما يرافقها من تحديات على وسائل الإعلام، ورغم الاحتفاء بإطلاق التقرير من فلسطين، إلا أنه لا يعني أن الصحافيين الفلسطينيين بمعزل عن قيود السلطات.
كلفة التعددية على الإنترنت يدفعها الصحافيون والمدونون أولا
تكرس شبكة الإنترنت التعددية في وسائل الإعلام وحرية التعبير عن الرأي، إلا أن القلق يتزايد مع تدني مستوى الحيادية وانتشار الكثير من المنصات لبث خطاب الكراهية والعنصرية، ما فرض تحديات جديدة على الدول، وفق ما ذكر تقرير اليونسكو حول “الاتجاهات العالمية على صعيد حرية التعبير وتطوير وسائل الإعلام”.

ويمثل التقرير خلاصة رصد انتهاكات حرية التعبير في العالم والتهديدات التي يتعرض لها المواطنون المستخدمون للإعلام ‏الجديد، وكذلك الصحافيون العاملون في المؤسسات الإعلامية، في إطار الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لضمان ‏حرية التعبير وحرية الصحافة وحق الجمهور في المعرفة والحصول على المعلومات.‏

وأشار التقرير إلى أن الإنترنت وفر إمكانية كبيرة لوصول الناس إلى المعلومات وكرس مفاهيم مهمة، مثل حق الناس في الحصول على المعلومات والتعددية وغيرها، لكنه في المقابل وفر لبعض الجهات إمكانية القيام بنشر خطاب الكراهية.

ونوه بالجهود التي تقوم بها بعض الجهات لبث الوعي حول الاستخدام الخاطئ للإنترنت، كما أكد أن العديد من وسائل الإعلام تغتنم الفرصة “لإظهار ما تتميز به من قيمة مضافة مميزة، بوصفها مصادر موثوقا بها للمعلومات والتعليقات”.

وأطلقت اليونسكو النسخة العربية من تقريرها حول الاتجاهات العالمية على صعيد حرية التعبير وتطوير وسائل الإعلام، في جامعة النجاح الوطنية في نابلس بالتعاون مع جامعة أوسلو للعلوم التطبيقية.

وقد تم إطلاق هذا التقرير في ثلاث دول هي: فلسطين وباكستان وأوغندا، وستتم متابعة تنفيذ توصياته من خلال أجهزة ومكاتب اليونسكو والأمم المتحدة لضمان مستوى أعلى من حرية التعبير، والحد من استهداف الصحافيين والمواطنين الذين ينشرون أفكارهم وآراءهم على الإنترنت.

وأكد لودفيكو فولن ممثل مكتب اليونسكو في فلسطين، أن هذا التقرير يمثل تطورا كبيرا في حرية وسائل الإعلام والصحافيين حول العالم، مشيرا إلى أنه التقرير الثالث لـ”يونسكو” في هذا المجال ويأتي استكمالا لما بدأ عام 2014، موضحا أن اليونسكو تقدم دورات طبية وإسعافا أوليا وتدريبا لحماية الصحافيين من أي أخطار يتعرضون لها أثناء تأديتهم لعملهم.

وأيدت الدول الأعضاء في اليونسكو عالمية الإنترنت، أي أن يكون شبكة قائمة على حقوق الإنسان ومفتوحة ومتاحة للجميع، ورغم ذلك أشار التقرير إلى أن الإنترنت يتاح لحوالي 48 بالمئة من سكان العالم، أي تقريبا نصف سكان العالم.

وبيّن أن تمثيل المرأة في الإعلام مازال ضعيفا، إذ يقتصر تمثيلها على ربع أصحاب القرار وثلث المراسلين الصحافيين وخمس الخبراء الذين تجرى معهم المقابلات.

اليونسكو تطلق تقريرها عن الحريات من فلسطين وسط معاناة الصحافيين من عقوبات قانون الجرائم الإلكتروني

وتشير أوضاع الصحافيين في العالم إلى حجم التهديد الذي يواجهونه، إذ أن عدد الضحايا ما بين عامي 2012 و2016 بلغ 530 صحافيا، وهو عدد يدق ناقوس الخطر حول سلامة الصحافيين وأمنهم، كما أن تسعة أشخاص من أصل عشرة ممن يرتكبون انتهاكات بحق الصحافيين، يفلتون من العقاب.

وأوضح التقرير أن الصحافيين يتعرضون لمختلف أشكال المضايقات والعنف والتهديد، من اعتقال وتعذيب واختطاف وتهديد وحملات التضليل وتشويه السمعة والرقابة، يضاف إلى ذلك ما تتعرض له الصحافيات بشكل خاص من تحرش ومضايقات واستهداف وحرمان من التمثيل في وسائل الإعلام.

وحذر من أن سياسات مكافحة الإرهاب تثير المخاوف من الحد من حرية التعبير، كما حذر من أن تزايد “انتقاد الشخصيات السياسية لوسائل الإعلام يشجع الرقابة ويقوض مصداقية وسائل الإعلام”، في إشارة إلى ضغوط الحكومات والجهات المتنفذة على الإعلام، وأضاف أن المصالح التجارية والسياسية هي التي تتحكم في منح تراخيص البث الإذاعي.

وأشار إلى دور تعليم الصحافة في تعزيز معايير الاستقلال المهني، وحذر من التحديات التي تواجه التعليم نتيجة تقييد التمويل الخارجي لمشاريع تنمية وسائل الإعلام، حيث تلعب مشاريع التنمية الإعلامية دورا مهما في العملية التعليمية للصحافة.

ورحب القائمون على قطاع الإعلام في فلسطين بإطلاق التقرير من جامعة النجاح الفلسطينية، وأشاروا إلى رمزية هذا الحدث، لكنهم تجاهلوا أوضاع الصحافيين الذين يعانون من قانون الجرائم الإلكترونية الذي فرض عقوبات على الصحافيين والمدونين بحجة الإخلال بالسلوك العام أو التحريض.

ويرى الصحافيون أن مجرد المصادقة على هذا القانون، من دون مناقشته مع الاختصاصيين، يعتبر خرقا واضحا واستهدافا للحريات الإلكترونية في فلسطين وبمثابة استغلال القانون لضرب حرية التعبير في فلسطين.

وبعد ضغوط واسعة من منظمات محلية ودولية، اقترحت وزارة العدل تعديل بعض الأحكام القمعية في قانون العام 2017، استجابة لمخاوف منظمات المجتمع المدني، غير أنها تركت بعض المواد التي تسمح بقيود غير متناسبة وتعسفية على الحق في حرية التعبير، الخصوصية وحماية البيانات.

وقالت ماجدالينا مغربي نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية “التعديلات المقترحة لإزالة الأحكام التي تسمح بالسجن والغرامات الباهظة بحق أي شخص ينتقد السلطات الفلسطينية على الإنترنت خطوة مرحب بها، لكن ثمة حاجة إلى تغييرات إضافية لحماية حق الفلسطينيين في حرية التعبير، الخصوصية، وحماية بياناتهم بالكامل”.

وفي رسالة مشتركة، رحبت منظمة آفاز، حملة-المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي ومنظمة العفو الدولية، بالتعديلات المقترحة التي تسعى إلى إزالة النصوص التي تسمح بفرض عقوبات سجنية وغرامات باهظة على انتقاد السلطات سلميا، وحثت السلطات الفلسطينية على تعديل أو إلغاء الأحكام التي تسمح للسلطات بالمراقبة، وإجبار مقدمي الخدمات على الاحتفاظ ببيانات المستخدمين وحجب مواقع إلكترونية من دون ضمانات كافية للحق في حرية التعبير والخصوصية.

وقال نديم ناشف مدير حملة-المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي “على السلطات الفلسطينية تعديل قانون الجرائم الإلكترونية الأخير ليحمي، لا ينتهك، الحقوق الرقمية وحرية التعبير الخاصة بالفلسطينيين. لطالما كافح الفلسطينيون من أجل الحرية والعدالة، ومن الضروري احترام حريتهم ضمن الفضاء الافتراضي”.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>