الانترنت والدبلوماسية ومعركة القوة الناعمة بين الولايات المتحدة وايران

02-01-2018 05:33 AM - عدد القراءات : 2243
كتب د.عادل عبد الصادق*
أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عزم بلادها افتتاح "سفارة افتراضية" بنهاية عام 2011 لتزويد الإيرانيين بالمعلومات حول التأشيرات عبر الانترنت، والتواصل مع الطلاب الإيرانيين ونشجعكم على العودة والدرس في الولايات المتحدة"من خلال تزويد الطلاب الإيرانيين بمعلومات عبر شبكة الانترنت بشأن تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة وبرامج تبادل الطلاب.
الانترنت والدبلوماسية ومعركة القوة الناعمة بين الولايات المتحدة وايران

أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عزم بلادها افتتاح "سفارة افتراضية" بنهاية عام 2011 لتزويد الإيرانيين بالمعلومات حول التأشيرات عبر الانترنت، والتواصل مع الطلاب الإيرانيين ونشجعكم على العودة والدرس في الولايات المتحدة"من خلال تزويد الطلاب الإيرانيين بمعلومات عبر شبكة الانترنت بشأن تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة وبرامج تبادل الطلاب.

وهو ما ياتي في اطار ما يعرف بالدبلوماسية الالكترونية التي تميزت بانها يمكن ان تتم دون المرور بجهات الدولة الرسمية وهو ما يلائم عملية قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة منذ ثلاثين عاما ويتواكب مع التوجهات الغربية الجديدة تجاة ايران بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي صدر في 8 نوفمبر الجاري وكشف عن وجود أبعاد عسكرية للبرنامج النووي الإيراني و تطوير أسلحة نووية.

وهو ما يشكل مرحلة جديدة من المواجهة بين الغرب وايران من ناحية و مواجهة بين ايران والولايات المتحدة واسرائيل من ناحية اخرى

الانترنت والقوة الناعمة ضد ايران

 اثارت رغبة ايران في أن تصبح قوة إقليمية مالكة للقدرات النووية حفيظة الولايات المتحدة واسرائيل تحت زعم وجود ابعاد عسكرية للبرنامج النووي لديها ومن ثم فقد قامتا كلتا الدولتين بالعمل على اعاقته سواء عبر التهديد باستخدام القوة العسكرية لتدميره او بالعمل على تخريبة وتعطيله واجهاض تقدمة وفي سبيل ذلك فرضت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية و منعت تصدير التكنولوجيا المتقدمة الخاصة بالمحطات النووية، والضغط على الدول المتعاونه مع ايران نوويا ، وقيام الاجهزة الاستخباراتية لدى اسرائيل والولايات المتحدة بالتجسس على البرنامج النووي الايراني واغتيال او اختطاف علماء الطاقة النووية. او بتوجية برامج اعلامية امريكية باللغه الفارسية تجاة ايران.

وشهد استخدام القوة الناعمة بروز اداة جديدة تمثلت في استخدام الفضاء الالكتروني في ادارة الصراع عبر الفضاء الالكتروني بين الولايات المتحدة وايران سواء عبر شن هجمات الحرب الالكترونية على منشآت ايران النووية عبر تعرض منشأت ايران الى هجمات فيروس ستاكس نت في اكتوبر 2010 بما ادى الى تعطيل عمل مفاعل بوشهر ونتانز ومن ناحية اخرى جاء استخدام تكنولوجيا الاتصال والمعلومات كاداة للتاثير في التوجهات والافكار والقيم داخل المجتمع الايراني واحداث التغيير من الداخل بدون استخدام القوة العسكرية لتغيير النظام السياسي او تغيير توجهاته السياسية العدائية تجاه الولايات المتحدة ، وخاصة مع الانتشار العريض لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات وتزايد نسبة من هم في فئة الشباب ومحاولة استغلال تداعيات الربيع العربي على النظام الايراني.

. ويبلغ عدد سكان ايران ما يقارب 78 مليون نسمة ويبلغ عدد مستخدمي الانترنت بها 36,500 مليون بما نسبتة 46,9% من عدد السكان ‏,‏ يستخدم منهم أكثر من‏50‏ مليون شخص هواتف محمولة‏ وبما يزيد على 60 %من عدد السكان .‏ ويمثل الشباب شريحة قوية وفاعلة في إيران والذين تبلغ نسبتهم دون الثلاثين عاماً قرابة 63% من عدد السكان وقد ولد جزء كبير منهم بعد الثورة الإسلامية وهو ما يشكل مصدر قلق للحكام ورجال الدين في طهران اما بخصوص طبيعه العلاقة مع الولايات المتحدة فقد اظهر استطلاع للراي عن رغبه ما يزيد على 70% من الشياب في تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة .

ويستخدم الإيرانيون برامجيات خاصة لاختراق الرقابة الحكومية في محاولة لتصفح الانترنت والاطلاع على الاخبار العالمية والتحليلات التي تمس الوضع في بلادهم. ويمثل الاعلام الجديد متنفسا للعديد من الآراء السياسية المختلفة والأقليات العرقية والدينية داخل إيران‏,‏ بالإضافة إلي تميزه بالسرعة في الانتشار وقلة التكلفة وتعدد الوسائل الإعلامية من النص والصورة والفيديو‏.

‏ بما جعل من ذلك عناصر جذب للشباب الإيراني الراغب في الانفتاح علي العالم‏,‏ وفي الوقت نفسه‏‏ التعبير عن مشاكله وهمومه السياسية والاجتماعية والاقتصادية‏ وظهر ذلك في وصول عدد المدونات مثلا في إيران إلي ما يزيد علي‏700‏ ألف مدونة،‏ بما يشكل ثاني أكبر عدد للمدونين بعد الصين،‏ بل وقد أصبح لهؤلاء المدونين القدرة علي التأثير في قرارات السياسيين‏،‏ وفي تناول الكثير من الموضوعات التي كانت تعتبر ممنوعة من قبل‏،‏ وزادت درجة تفاعل الشباب الإيراني مع انتهاكات حقوق الإنسان‏،‏ وتمكن المعارضون والطلبة الإيرانيون من الوصول إلي شريحة واسعة النطاق من الجماهير وطرح رؤي مغايرة لما هو منشور في وسائل الإعلام الحكومية‏.‏ وتم استخدام الانترنت في دعم الاحتجاجات الايرانية على نتيجة الانتخابات الرئاسية في عام 2009   

و ظهرت الحركة الخضراء المعارضة عام 2009 والتي أُطلق عليها اسم "ثورة تويتر" سواء عبر شبكات التواصل الاجتماعي او عبر الهاتف المحمول وادوات الاعلام الجديد ولاقي ذلك دعما من شركات غربية بتاييد ضمني من الولايات المتحدة وعلني عبر حض النظام الايراني على احترام حقوق الانسان وكانت تجربة انتخابات 2009 حلقة هامة من معارك حرب الافكار بين الغرب وايران والذي استطاع من خلالها النظام الايراني ان ينحني للعاصفة لكي يمر بسلام من خلال الاداة القمعية لقوات الحرس الثوري ضد المعارضة والاتجاه الاصلاحي . وأطلقت الولايات المتحدة حسابا بالفارسية على موقع تويتر للتواصل مع مستخدمي شبكة الإنترنت في إيران.

 وإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك واطلاق برامج إذاعية وتلفزيونية بالفارسية للتواصل مع الإيرانيين. السفارة الالكترونية والدبلوماسية جاء الاعلان الامريكي عن نية واشطنون فتح "سفارة افتراضية" في ايران على الانترنت في نهاية العام الجاري كخطوة هامة في اداء الدبلوماسية الامريكية تجاة ايران من اجل اعطاء الايرانيين معلومات على شبكة الاتصالات الدولية عن تأشيرات الدخول وبرامج التبادل الطلابية ومن اجل توسيع اتصالات واشطنون بالمواطنين الايرانيين.

 وذلك جنبا الى جنب مع عدم استبعاد الخيار العسكري في مواجهة طموحات ايران النووية وهوما يعكس استخدام القوة الناعمة لتحريك الافكار وتغيير توجهات الشعب الايراني وخاصة الشباب وتحسين صورة الولايات المتحدة ومدهم بمعلومات عن تأشيرات الدخول وبرامج أخرى.

 ويعكس ذلك تطور هام في استخدام تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في ادارة الشئون الخارجية للدول بعد ثورة الاتصال والمعلومات التي يشهدها العالم وكانت الولايات المتحدة قد قطعت علاقتها الدبلوماسية الرسمية مع ايران عام 1980 بعد فترة وجيزة من قيام الثورة الاسلامية عام 1979 واقتحام الطلبة للسفارة الامريكية في طهران واحتجاز رهائن امريكين .

 وتتولى سويسرا مهمة تمثيل مصالح أميركا لدى طهران فيما تتولى باكستان تمثيل مصالح إيران في واشنطن. واثر التطور في ادوات الاتصال والمعلومات في العمل الدبلوماسي على مدار التاريخ ، وخاصة ان دور الدبلوماسي تركز في جمع المعلومات وايصالها الى دولته ،وعلى مدار العلاقات الدولية كانت المعلومات وتدفقها هي اساس العمل الدبلوماسي وادت ثورة المعلومات والمعرفة الى التاثير في مهام وطبيعه دور العمل الدبلوماسي وطبيعه دور اجهزة الشئون الخارجية في ادارة العلاقات الدولية ، والتي اثرت بدورها على طبيعه المهام الدبلوماسية وظهرت الدبلوماسية الالكترونية احد الافرع الهامه في انشطة الخدمات الخارجية .

وتعرف الدبلوماسية بشكل عام على انها فن التفاوض، وتبرز كوسيلة او اداة للتفاوض من اجل اقناع طرف او اطراف، ولا يوجد تعريف محدد للدبلوماسية الا انها تجمع بين بعض السمات مثل انها فن يصنع برامج السياسة ، و فن ادارة العلاقات الدولية، وعملية ادارة المعاملات بين الدول بأساليب الحوار والتفاوض ، باعتبارها لغة الحوار والنقاش والإقناع وفن التعامل بين المنظمات الدولية وحل مشكلاتها وهي لغة العقل الهادئ لا الحرب والصراع، وتعمل على تحقيق ما تعجز الة الحرب عن تحقيقه وتدخل في المجالات الاقتصادية والسياسية والإعلامية والثقافية

. وكان انعكاس تكنولوجيا الاتصال والمعلومات كوسيلة وطبيعه عمل جديدة للعمل الدبلوماسي واضحا مع ظهور الانترنت والمحمول والكمبيوتر والاتصالات عن طريق الاقمار الصناعية وما يتيجة مواقع الانترنت من معلومات جيو سياسية.

 واثرت على وظائف الدبلوماسية وهي الحماية لمصالح الدولة والملاحظة والمتابعه والمفاوضات وجمع المعلومات ، والمشاركة في صنع القرار والمحاكاه للمنازعات الدولية وتعظيم فوائد التدريب ورفع كفاءة العنصر البشري عن طريق ما يمكن ان يتحة الانترنت من مهارات لغوية ومعلوماتية وتفاوضية كما يمكن الاطلاع على كافة مناطق النزاع في العالم . ، وكان انعكاس ذلك على الدبلوماسية في تقديم خدمات للرعايا وللسفارات والمبعوثين بشكل يعمل على تفعيل دور السفارات في الخارج والمساعده في تحقيق اهداف السياسية الخارجية للدولة و تحسين المواقع الالكترونية للسفارات وتدريب موظفيها على الاستعمال الاستراتيجي لأشكال التواصل هذه.

 وتوزيع ونشر المزيد من المواد عبرها. والعمل على تحقيق التواصل بين الدبلوماسيين وبين وزارة الخارجيه و بطريقة فعالة وسريعه ،والتواصل بين السفارات في الخارج والرعايا دون عقبات هيراركية او ادارية والمساعدة على تبادل المعلومات بسهولة ويسر بين وزارة الخارجية والوزارات المعنية ، واتاحه الفرصة للاستفاده من توافر المعلومات الهائلة على الانترنت ومحركات البحث التي تصنفها في توفير قاعده بيانات تكون صالحة لاتخاذ القرار . وقدرة السفارات في الخارج ووزارة الخارجية على تحقيق التواصل مع العالم الخارجي بشكل يعزز من فرص الحوار والتعاون مع العديد من دول العالم .

والقدرة على المساعدة على القيام بدور في حل النزاعات الدولية عن طريق تقديم اطر عمل ونصوص اتفاقيات دولية وتقديم المشورة حول مناطق النزاع وطرح المبادرات لحلها وحشد الراى العام الدولي خلفها ،وقدرة الدبلوماسي الجيدة على المتابعه لما يجري داخل بلدة او داخل الدولة التي يتواجد بها ،واتاحة الفرصة للدبلوماسي للتدريب عن بعد عن طريق الانترنت والعمل على رفع قدراته العلمية واللغوية ،ووتأسيس سفارات افتراضية في المناطق الخالية من الحضور الدبلوماسي أو الضعيفة بتطوير مواقع الكترونية تؤسسها وزارة الخارجية بالدولة المعنية, ذات خدمات موسعة وحية ومتطورة. وتعمل على تقليل حجم الموارد البشرية الى الحد الذي اصبح الان يتم اصدار التأشيرات من خلال الانترنت كما يتم دفع الرسوم كذلك عبر بطاقات الائتمان

 المواجهة الايرانية للقوة الناعمة

 ارتكز التعامل الامني للنظام الايراني مع الانترنت على اساس اعتباره يشكل تهديدا للهوية الفارسية ويعرض الشباب الايراني الى تنفيذ مخططات الشيطان الاكبر،واعلان الخوف علي الاستقرار السياسي والاجتماعي بادعاء أن هناك مؤامرة خارجية لقلب النظام الإسلامي في إيران،‏ واتخذت عددا من الإجراءات للتحكم في استخدام الإنترنت‏ واعتقال المدونين ،‏ وزادت محاولات السيطرة عن طريق إلزام مقدمي خدمات الإنترنت بالحصول علي موافقة وزارة الثقافة، ‏ بالإضافة إلي حجب المواقع التي تراها الحكومة تشكل تهديدا للجمهورية الإسلامية‏،‏ وتراها تنم عن مؤامرة لإحداث ثورة مخملية أو هادئة بمساعدة المثقفين وآخرين داخل البلاد وخارجها‏.

‏‏‏ وعلى العكس من محاولات زرع تلك المخاوف زادت معدلات الاقبال لاستخدام الاعلام الجديد من جانب الشباب الايراني للتعبيرعن الهوية الفارسية تاره والاندماج في المجتمع العالمي تارة اخرى ، ومثلت اللغة الفارسية واحدة من أكثر اللغات العالمية استخداما في المدونات‏ وتم إنشاء العديد من المواقع باللغة الفارسية التي تعبر عن ثقافة وهوية ومصالح الشعب الإيراني‏. واعتبرت إيران البرامج الخادمة للدخول على شبكة التواصل الاجتماعي لكسر الحجب الذي تمارسه هو بمثابه جريمة.

 وهو ما يعمل على تحويل 17 مليون إيراني الى مجرمين لديهم حساب على الفيس بوك ويستخدمونه بشكل يومي من خلال الشبكات الافتراضية الخاصة أو البرامج الخادمة، وخاصة دورها في دخول أكثر من خمسة ملايين من المواقع المحجوبة بما في ذلك مواقع شهيرة مثل اليو تيوب أو تلك المواقع التابعة لجماعات المعارضة الايرانية. وترى ايران في شركات التكنولوجيا ومزودي خدمات الانترنت بانهم جزء من "مؤامرة الحرب الناعمة" التي يشنها الغرب ضد إيران بهدف نشر العادات الغربية لاضعاف المعتقدات الدينية للشباب الايراني.

وان تلك السياسة الغربية من شانها ان تعمل على وحدة الشعب الايراني وفي نفس الوقت ستعمل على اقدامها على اتخاذ أي اجراءات من شانها التصدي لـ" الحرب الناعمة" ،وكان من ضمن تلك الاجراءات سعى إيران لاطلاق نسختها الوطنية من الانترنت على النمط الصيني من خلال العمل على انشاء شبكة انترنت خاصة وغير مفتوحة وتعمل على فصل الإنترنت الإيراني عن بقية العالم بما يعمل على التحكم في استخدام الانترنت والرقابة علية في إيران والعمل على إدخال محرك بحث ايراني محلي خاص يطلق علية " يا حق".. وتخطط ايران لإنشاء قيادة انترنت للقوات المسلحة لمواجهة ما يسمى بـ"الحرب الناعمة" التي يشنها الغرب.

ومن الناحية الدينية يطالب رجال الدين "الملالي" بشيوع ما سموه بـ "الانترنت الحلال" وتمارس ايران عملية الحجب لمواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي إما بسبب اخلاقي وخاصة المواقع الاباحية او" المناهضة للاسلام " أو لاسباب سياسية كالدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان والإصلاح السياسي. واصبح الانترنت من وجهة نظر الايرانيين يمثل تهديدا للامن القومي واداة لشن غزو فكري وثقافي غربي من الولايات المتحدة لإيران،. وأنشأت إيران 10000 مدونة لدعم إيديولوجية النظام الدينية،

 وكذلك "مركز مراقبة الجريمة الالكترونية" الذي يقوم بمراقبة الناشطين على الانترنت وتتسلل إلى الشبكات الاجتماعية للتجسس على المعارضين وحجب ملفاتهم الشخصية. وتقوم السلطات الإيرانية بتخفيض سرعة الانترنت بشكل متعمد في الأوقات التي شهدت فيها البلاد حالة من عدم الاستقرار، وتعد ايران من الدول التي صنفت على انها من اعداء الانترنت من خلال محاكمة المدونين تحت دعوى"مساعدة الدول الأعداء ونشر الدعاية المناهضة للتعاليم الإسلامية"

. واعدام الناشطين بتهمة "إثارة الرأي العام ضد النظام" و "الإساءة لقدسية الإسلام". حرب افكار مستمرة لتحريك القوة اعتبرت ايران الخطوة الامريكية في انشاء سفارة الكترونية على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية تدخلا فى الشئون الداخلية لإيران، وان على الولايات المتحدة ان تهتم بتلبية مطالب مواطنيها والتوقف عن استخدام اساليب قمعية في اشارة الى احتجاجات حركة "احتلو وول ستريت " ضد الرأسمالية واتهمت ايران واشنطون بعدم الوعى بطبيعة الأوضاع داخل إيران.

 ورات ايران ان خطط الولايات المتحدة لتأسيس سفارة على الانترنت لجذب الإيرانيين ستفشل، لان الولايات المتحدة ينقصها الوعي السياسي لان ذلك من شانه تقويه الوحدة في إيران ، وان هدفها التغطية على المشكلات الداخلية في الحزب الديمقراطي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة العام المقبل ، وان الجالية اليهودية في الولايات المتحدة هي من تقف وراء المشروع.

وارتكز الرد الايراني على التاكيد على ان فكرة استغلال القوة الناعمة والربيع العربي في مد حركات الاحتجاجات الى ايران فكرة فاشلة من منطلق ان تلك الحركات جاءت مستلهمة الثورة الايرانية عام 1979 ومن جانبهم تعهد قراصنة إيرانيون بأن يخترقوا ويحتلوا موقعاً إلكترونياً "افتراضياً" خاصاً بسفارة الولايات المتحدة بعد ان يتم إطلاقه ، وأعلن ممثلون عن الاتحاد الإسلامي للطلبة الإيرانيين أنهم يعتزمون التأكد من تعطيل الموقع في نفس لحظة إطلاقه

 ودفع اندلاع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية فى أنحاء الشرق الأوسط وخاصة مع دور الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في التحريض عليها والحشد والتعبئة الى ان تسرع ايران بالاعلان عن مدى التقدم في مشروع الانترنت الوطني من خلال نجاحها في السيطره على 60 % من خدمة الانترنت للمنازل والشركات من خلال الاعتماد على شبكة الاتصالات الداخلية وعلى ان تستمر الخطة لتشمل كافة الأنحاء خلال عامين

 . وقد دفعت القيود علي وسائل الإعلام الحكومية الشباب الإيراني لاستخدام أدوات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات للتواصل مع الداخل والخارج‏.مع توافر الحرية النسبية الأوسع والأكثر اتصالا وتواصلا مع الآخرين لمناهضة سياسات الحكومة الايرانية من منطلق أن التغييرات لا تحدث في الشارع ولكن عن طريق الإنترنت ، ومن اعتبار ان تغيير الافكار هي الطريق الى تغيير السلوك او النظام بالكامل سواء بطرق سلمية او عبر استخدام القوة العنيفة ضد النظام الايراني

. وخاصة ان المجتمع الايراني قد شهد تغييرات كبرى خلال عشر سنوات عبر تحطيم التابوهات الاجتماعية التقليدية وفي حالة عدم مواجهة تلك التغييرات فانها ستطول محاولة تغيير النظام السياسي الايراني برمته عبر قوى داخلية ترتكز على قوة الشباب والطلبة ذوي الدور التاريخي في الثورة الايرانية

. ودفع بروز ادوات اعلامية جديدة الى تمكين الشباب الايراني من تجاوز دور المؤسسات التقليدية ومكنتهم من بناء عالم اكثر حرية و في انتظار الانتقال الى الواقع فور تهيئة الظروف الاجتماعية والسياسية وخاصة مع دور تلك الادوات في الربيع العربي . وهناك سياق اقليمي جديد عبر تمدد الربيع العربي وانتشار موجة التحول الديموقراطي في الشرق الاوسط بما يمثل ضغطا سياسيا هائلا على سياسات النظام الايراني واحتمالية خسارة حلفائها الاقليميين مع سقوط انظمتها السياسية وبروز نظم جديدة

 . ومن ناحية اخرى احتمال تأزم العلاقة بين ايران والغرب عبر استخدام القوة العسكرية ،وربما يسعى الغرب الى تبيض ماء وجهة امام الشعب الايراني عبر الانترنت كمقدمة لاسقاط النظام بالقوة وخاصة مع الضغوط التي تمارس ضد الحليف الاسراتيجي السوري من اجل اسقاطة بدعم دولي. وتعبر الخطوة الامريكية عن تحول الانترنت الى ساحة للصراع السياسي والاقتصادي وكاداة للدبلوماسية الامريكية في التاثير وكسب العقول والقلوب كمدخل الى تغيير الواقع وفق التوجهات الامريكية بما يعمل على الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في الخليج .

وتهدف الخطوة الدبلوماسية الامريكية الجديدة للعمل على اتساع الفجوة بين النظام والشعب من اجل تهيئة البلاد الى تغيير سياسي شامل ينطلق من الداخل وان لم يتم فان تحفيز الخارج مستمر عبر فرض العقوبات وشن حرب نفسية والتهديد بعمل عسكري واسع النطاق ان لم يتم بالفعل .

ويبقى البديل هو ان مد حبال الانقاذ للنظام الايراني يبقى متوقفا على طبيعه علاقته بالشعب الايراني وتعزيز الجبهة الداخلية وإدخال إصلاحات سياسيه لكي يتمكن النظام من الحصول على ثقة القوى الوطنية والتي تبقى الوحيدة القادرة على تشكيل سد منيع ضد خطر التدخل الخارجي سواء عبر القوة الناعمة او عبر القوة الصلبة.

** تم نشر تلك الدراسة بنفس العنوان بمجلة مختارات ايرانية ، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاسترتيجية ،نوفمبر 2011

 

 

 



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>