القوة الذكية الجديدة لمصر..بوابة المستقبل

08-10-2017 09:56 PM - عدد القراءات : 9130
كتب د.عادل عبد الصادق*
في مجتمع المعرفة اصبحت القوة الشاملة للدولة بمفهومها التقليدي عرضة للتغير اعتمادا على الثورة العلمية والتكنولوجية،والاستعداد الى الدخول الى الثورة الصناعية الرابعه ،والتي باتت تشكل منصة النمو الاقتصادي والمستدام في ذات الوقت ،
القوة الذكية الجديدة لمصر..بوابة المستقبل

وسعت العديد من الدول التي تبني استراتيجيات للدخول الى معترك تلك الثورة الجديدة ،وقامت مصر بتبني عدد من السياسات والتطبيقات الدافعه الى تبني مجتمع المعرفة ، وتعزيز انتشار تكنولوجيا الاتصال والمعلومات ، وفيما يتعلق بصنع السياسات المتعلقة تتبني مصر استراتيجية التنمية المستدامة 2030 لتحقيق ثلاثة أبعاد منها البعد الاقتصادي الذي يسلط الضوء على التنمية الاقتصادية والشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية والطاقة والمعرفة. أما البعد الاجتماعي فيسلط الضوء على التعليم والتدريب والصحة والثقافة والعدالة ألاجتماعية بينما يركز البعد البيئي على مجال البيئة والتنمية الحضرية

واتجهت  مؤسسات الدولة الرسمية  الى تدشين حسابات رسمية على شبكات التواصل الاجتماعي او تدشين مواقع الكترونية للوزارات الرسمية او عبر تبني برامج الدبلوماسية الرقمية ،وتبين الدول لسياسات سيبرانية لحماية البنية التحتية للدولة او لحماية مواطنيها من خطر التعرض للاخطار،وتمثل ذلك في انشاء مؤسسات وطنية جديدة تعني بذلك ، وانخراط الدولة في السياسات العالمية المتعلقة بتنظيم التعامل مع الفضاء الالكتروني او بتبني تشريعات وقانونية جديدة تنظم عملية الاستخدام لمكافحة الجريمة والارهاب ، او بإطلاق مبادرات لتدشين حاضنات تكنولوجية ومدن ذكية او باطلاق برامج للحكومة الالكترونية او بتطوير البنية التحتية المعلوماتية   .

وتمتلك مصر مقومات عديدة للقوة الناعمة والتي اتاحت لها الثورة العلمية والتكنولوجية فرص جديدة  في توسيع نطاقات ومجالات التاثير لها وفي تجديد مصادرها وتوسيع دائرة الفاعلين فيها ، وفيما يتعلق بالموارد الخاصة بالقوة الناعمة فان  مصر تمتلك تراث هائل من الارث الحضاري والانساني ،انعكس على وجود وفرة هائلة من المحتوى الثقافي  يمكن ان يظهر بشكل رقمي وسريع الانتشار ،وبخاصة ان الفضاء الالكتروني  يتيح الفرصة لاحياء التراث والحفاظ علية وانتشار مجال تاثيره وفتح الباب امام فاعلين ثقافيين اخرين من غير الدولة في تعزيز تأثيره ، والتي تاخذ شكل القيم والرموز والحكي الشعبي والفنون والسينما ،حيث تتم عملية اعادة انتشار المحتوى الرقمي  بشكل يعمل على نشر التاثير بين اجيال جديدة ومناطق جديدة،والتي تتعلق بالحضارات المتعاقبة على مصر وحجم اسهامها في نهضة الحضارة الانسانية .

وعلى مستوى السكان ، يبلغ عدد سكان مصر ما يزيد على 92 مليون نسمة ،وتتمتع  بقاعدة عريضة من الشباب يمثلون ميزة نسبية في عملية التنمية وبخاصة مع امتلاك مصر عدد كبير من خريجي الجامعات ممن درسوا او تدربوا في علوم الحاسب والتكنولوجيا والبرمجيات ،ناهيك عن رخص تكلفة العامل المصري مقارنه بغيره في الخارج ، وتعتبر مصر من ضمن افضل 9 دول في تصدير تكنولوجيا المعلومات وهو ما يجعلها جاذبة لتقديم الخدمات العابرة للحدود تتضمن وفرة مهارات باسعار تنافسية ، ناهيك عن عدد المغتربين المصريين يزيدون عن 8 مليون منتشرين في العديد من الدول ،وهم ان تم حسن تدريبهم سيكونون قوة ناعمة وبخاصة مع تعزيز دورهم في تغيير الشأن المحلي عبر الشبكات الاجتماعية .

وفيما يتعلق بالموقع الجغرافي فان توسط مصر بين قارة اسيا وافريقيا ونقطة اتصال باروبا على النحو الذي عزز موقعها الاستراتيجي في تقديم الخدمات التكنولوجية بالاضافة الى تمتعها بسواحل ممتدة في الشمال والشرق وهو الامر الذي يلائم مرور الكابلات البحرية الى الجنوب من الشمال ،بالإضافة الى طبيعة مصر الصحراوية تجعلها غنية في في مادة "السليكا" المتوافره في الرمال المتميزة في صحراء مصر بما يجعلها حاضنة لنمو الصناعات التكنولوجية.وتوافر الخدمات الملاحية عبر العديد من الموانئ ناهيك عن قناة السويس التي تمثل شريان حيوي للتجارة الدولية .

 وفيما يتعلق بالبنية التحتية فتتمتع مصر بانها من الدول الرائدة في قطاع تكنولوجيا الاتصال والمعلومات حيث تمتلك مصر بنيحة تحتية قوية للاتصالات السلكية واللاسلكية حيث تغطي شبكات الالياف الضوئية 36% من الدولة ،ويربطها بباقي العالم 17 كابلا بحريا ،وتتمتع مصر بموقع استراتيجي للمرور الكابلات البحرية حيث يمر عبر قناة السويس ،وهو ما يجعل مصر معبرا تكنولوجيا يربط الشرق والغرب ، وتحتل مصر  المركز الثاني عالميا من حيث مرور والكابلات و 100% من الكوابل التى تمر من قارة آسيا لقارة إفريقيا،وتحتل مصر المركز التاسع كافضل المواقع العالمية في تصدير تكنولوجيا الاتصال والمعلومات ، حيث توافر خطوط طيران ونمو الاعمال وانتشار المناطق التكنولوجية ورفع كفاءة الشركات المصرية ومتوسط الاجر السنوي للمهندس ما بين 5000-7000 دولار سنويا وهو اجر تنافسي .

ومتوقع ان يزيد حجم مبيعات البرمجيات من 182,5 مليون دولار عام 2016 الى 304,2 مليون دولار بحلول عام 2020 ، وبلغ حجم الاستثمار في البرمجيات 18,5 مليار دولار ،وحجم الاستثمار في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات 2.37 مليار دولار ، .وتحتل مصر المركز الرابع عشر في مؤشر قياس استعدادات الدول في مجال الأمن السيبراني من بين 165 دولة من دول أعضاء الاتحاد الدولي للاتصالات.[1]وفيما يتعلق بحجم الانتشار والنفاذ فقد وصل عدد مشتركى الإنترنت إلى 33.19 مليون مستخدم فى أبريل 2017 وبلغت نسبة مستخدمى الإنترنت عن طريق المحمول من إجمالى مشتركى المحمول 33.22% أبريل 2017، وهو ما يعنى ما يزيد عن  نسبة 52% من إجمالى عدد السكان. وبلغ عدد الاشتراكات بالهاتف المحمول اقترب من نحو 100 مليون للشركات الثلاث العاملة فى السوق وهو ما يتجاوز عدد السكان فى مصر وذلك بنسبة انتشار بلغت نحو 111% على مستوى الجمهورية،وهناك 30% من المصريين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، بما فى ذلك فيس بوك وتويتر وإنستجرام وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعى الشهيرة، حيث يبلغ عدد مستخدمى فيس بوك فى مصر حوالى 27 مليون مستخدم. وذلك في وصول عدد مستخدمي الانترنت في العالم الي 3,819 مليار مستخدم ، وهو ما يقارب 51% من سكان العالم ،وينشط عالميا عبر الشبكات الاجتماعي ما يقارب 40%  [2]،وبلغ عدد من يمتلكون هاتف محمول ما يزيد عن 5 مليار مستخدم وعدد من يستخدمون التواصل الاجتماعي من هاتفهم الى2,780 مليار مستخدم أي ما يمثل 37% من جملة المستخدمين حول العالم ، ويكشف ذلك عن حجم الجمهور المستهدف وحجم التفاعل لديه وهو ما يوفر فرصة سانحة للتواصل المباشر معهم عبر تنشيط التفاعل من قبل مؤسسات الدولة الرسمية او من خلال باقي المستخدمين من المواطنين او المؤسسات غير الحكومية.  

ومن ثم فان توظيف تلك القوة الجديدة من خلال توظيف عناصر القوة وأنماطها ومقوماتها هي البوابة الحقيقة لاستحواذ مصر على القوة الذكية والدخول الى عتبة المستقبل

* خبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية - مدير مشروع المركز العربي لابحاث الفضاء الالكتروني 



[1] تقرير الامن السيبراني العالمي ،الاتحاد الدولي للاتصالات ،2017 https://goo.gl/ygKzx5

[2] عدد مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى حول العالم يتجاوز الـ3 مليار، صحيفة اليوم ، 11/8/2017 https://goo.gl/BS1vWB




© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>