قل 'بلوك' وأمضي!

27-08-2017 12:56 PM - عدد القراءات : 1191
كتب صباح ناهي
أوصلت نسبة الطلاقات إلى أعلى مراحلها في تأريخ البلاد، وانهار التعليم تقريبا، وتغيرت أخلاقيات الشباب، نتيحة الاستخدام السيء للشبكات الاجتماعية.
قل

يشكو الملايين من عالمنا العربي مما يسمونه هجوم الإنترنت، الذي داهم حياتهم، وأقلق أدمغتهم، بل قض مضاجعهم، لما يتسببه من إلغاء خصوصياتهم ويداهم بيوتهم بل غرف نومهم، ويأخذ أغلب أوقات أفراد أسرهم، إنه المنافس الاجتماعي الثقافي الحضاري الجديد للعائلة، التي كانت تتحدث يوما عن مشاغل التلفزيونات في البيوت.

الإنترنت صار الشريك في غرف النوم وفي الجلسات العائلية، وفي الدوائر والوظائف حتى بات هوس عامة الناس قبل خاصتهم إنه المداهم والمحرك لشجارات الآباء والأبناء، والشيطان الذي يوسوس بين الأزواج، والرقيب، والحبيب، والصديق والعدو في آن.

أغلب أوقات الناس تنفق على النت، بل صار بوصلة المسير وتحديد المسار، والمعلم الأول، والمربي الأوحد الذي يعطي المعلومات فوريا وبلا تردد، يُريك كل ما لا تريد أمك وأبوك أن تنظر إليه، ويسلب سعادتك التي تأخذها الأخبار المتسربة من بين يديه إنه لعنة العصر وضرورته، صار في علم الاتصال العالم شاشة، وفي علم السياسة الوسيلة الأخطر، وفي الاقتصاد الطريق الأسرع، وفي علم النفس المتنفس، وللحكومات منفذا لمعرفة سبل عيش وتفكير الشعوب، لا مناص من التعامل فيه، كما يفعل القلب حين ينظم تدفق الدم في الجسد.

تخيل نفسك بلا نت، كما أقوم أنا بتركه ساعات كي أستعيد بدائيتي، وأجدني في غياهب الجب، لأركض مسرعا إليه لأرى من كاتب نيومن توتّ لي ومن كلمني على الخاص، ومن رد عليّ، إنه شر لا بد منه! يجعلني متواصلا مع العالم، مع الناس الذين يرونني وأراهم متخطيا المسافات والأزمان، غير عابئ بالجوازات والحدود، لم يوقفني أحد كما أتوقف عند بعض المطارات العربية، التي يقول لي موظف الجوازات في الآخر “لا تؤاخذنا تشابه أسماء”، وأجيب “نعم حصل هذا من قبل!”.

إن شكوى الاستخدام الواسع للنت، ووسائل التواصل الاجتماعي من خلاله، لا أشك بأنه بات المحرك الرئيس للصراع بين الأسر والعوائل في ما بينها أو مع غيرها، فقد ازدادت حالات الطلاق، بنسبة عالية ولافتة، وخربت بيوت وأغلقت أماكن بسبب شجارات النت، والسوشيال ميديا، في العراق مثلا الذي فتحت الاتصالات له على مصراعيها، بعد العام 2003. أوصلت نسبة الطلاقات إلى أعلى مراحلها في تأريخ البلاد، وانهار التعليم تقريبا، وتغيرت أخلاقيات الشباب، نتيحة الاستخدام السيء للشبكات الاجتماعية.

وصار المرُبون يعلنون رغبتهم بوضع “بلوك” عاجل كي ينقذوا ما تبقى من أواصر اجتماعية في مجتمع كان محافظا وصار “فيسبوكيا” شرها.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>