'لا تخرج قبل أن تكتب سبحان الله'.. بسطاء في الفخ

29-06-2016 05:54 AM - عدد القراءات : 16607
كتب العرب - الرياض
تغزو فيسبوك صفحات تنشر صورا، يستطيع أن يصنعها أغبى مبتدئ في برنامج “الفوتوشوب”، على غرار صورة سمكة برأس عصفور مكتوب عليها “سبحان الله”، أو صورة لفتاة مشوهة مكتوب عليها “تحولت إلى قرد لإهانتها للمصحف”، أو طفل نصفه إنسان ونصفه سمكة، وصورة لجمل ساجد بجانب صاحبه، وصورة لممثلة الأفلام الإباحية ميا خليفة المقتبسة من أحد أفلامها تلبس فيه الحجاب مع عبارة “أخت مصابة بالسرطان ادعوا لها”.

ومع كل صورة شجرة نَمَت بشكل مختلف أو أثّرت الأحوال الجوّية على تكوينها، ستجد عبارات مثل الشجرة السّاجدة وآية قرآنية والختام يكون عبارات على شاكلة “لا تخرج قبل أن تقول سبحان الله!”. وقد تجد صورة لشخص مشوّه تقشعرّ لها الأبدان وتجد عبارات مماثلة على غرار “لا تخرج قبل أن تقول الحمد لله”، وصورة لأذن طفل صغير تشكّل اسم “الله” مع عبارة “إن لم تشاركها مع الآخرين فإن الشيطان قد منعك”. تعتبر هذه الطريقة إحدى الوسائل الكثيرة المعتمدة، التي من خلالها تتمكن الصفحات المزيفة من حشد جيوش من “المتدينين” و”البسطاء”، على مواقع التواصل الاجتماعي. ويفسر خبير “فكرة الماورائيات من الأمور الجاذبة للنفس البشرية، وعلى مدار التاريخ تظل فكرة الأمور الغيبية مصدر قوة حقيقية لانتشار أي فكرة، وهذا ما جعل كثيرا من الكهنة وأصحاب المصالح يستغلونه لتكبيل عقول الشعوب وتغييبهم”. ينظر الكثير إلى هؤلاء باعتبارهم حمقى يتهافتون وراء كل خبر يُنشر باسم الدين. ولا تقتصر عمليات التلفيق والتزوير على تعديل الصور، إنما تنطوي أيضا على تحريف الوقائع عبر استخدام صور أو فيديوهات قديمة، وربطها بحدث آني أو وهمي لإكسابه مصداقية أو استخدام صورة وفيديوهات في غير إطارها الزماني والمكاني، ما يسهل ترويج الأكاذيب وتزوير الحقائق. ومن المنشورات أيضا تلك التي تخاطب الغريزة الجنسية، وخاصة عندما تكون الفئة المستهدفة من الشباب “المكبوتة جنسيا في مجتمعنا العربي”، وبالتالي فمن الطبيعي أن تحصد صورة لصدر فتاة مكتنز فوقه قطة مرفوقة بعبارة “اكتب رقم 2 وستختفي القطة” الملايين من التعليقات. لا تعتبر ظاهرة انتشار تلك الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، ظاهرة جديدة في جذب انتباه المتابعين، فمثل هذه المواد والأفكار لطالما ملأت الصحف والبرامج التلفزيونية ولطالما حققت الكثير من الرواج بين الجمهور. 105 ملايين عدد مستخدمي فيسبوك في الدول العربية مع نهاية عام 2015 يذكر أن عدد مستخدمي فيسبوك في الدول العربية وصل مع نهاية عام 2015 إلى أكثر من 105 ملايين مستخدم. في الحقيقة إن من يقوم بإنتاج مثل هذه المنشورات لديه رؤية واضحة لأكثر ما يجذب المستخدمين البسطاء كونهم الشريحة الأكبر، فهو إما يستغلّ الجانب الإيماني والتسليمي في الدين، سواء كان الدين الإسلامي أم غيره، فهناك منشورات لديانات أخرى بالفعل، إلا أنها أقل انتشارا كون الشريحة الأكبر من الشعب العربي من المسلمين، أو يستغلّ الجانب الغريزي الذي يشكّل هوسا للكثير من الشباب. ويعتبر “التسويق” الهدف الرئيسي لتلك المنشورات، فبعد أن تصل تلك المنشورات إلى مئات الآلاف من الإعجابات والمشاركات والتعليقات؛ ويزداد عدد المتابعين للصفحة مما يجعل المُعلنين يدفعون أموالا كثيرة من أجل إيصال إعلاناتهم لهذا الجمهور العريض، المبني أساسا على مفهوم المستخدم البسيط. وفي مواجهة الأخبار والصور الكاذبة، بادر عدد من الشباب العرب لفضح هذه الممارسات من خلال منصات إلكترونية. منها منصة “تأكّد”، وهي إحدى مبادرات “منظمة تبادل الإعلام الاجتماعي” (Smex)، وتوفر مساحة لإشراك رواد الإنترنت في عمليات التحقق من الأخبار والصور الكاذبة. منصة أخرى تحمل الاسم نفسه،”تأكد” أطلقها سوريون، وساهم في نجاحها واقع الإعلام السوري، مع اعتماد السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي في تلقي الأخبار وتزايد نشاط المزيفين والمزورين للحقائق والصور. كما يعتبر موقع خطاب “ده بجد”، إحدى المنصات المصرية المعروفة، التي تكشف الأخبار والصور الكاذبة. وتنشر بشكل دوري ملخصا لأشهر الشائعات التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. واستطاع الفنان الفلسطيني الأردني أحمد مساد، جذب مئات الآلاف من المتابعين من خلال الفيديوهات التي يصورها وينشرها تحت عنوان “مش فاهم وجهة النظر!”. وينتقد في كل منها بأسلوبه الساخر واللاذع متتبعي الصور والفيديوهات الملفقة. وأطلقت مجموعة من الشباب العرب حملة “فتبينوا” الإلكترونية بهدف محاربة الخرافات المنتشرة على الإنترنت. وتنشر مجموعة من الفيديوهات تفنّد فيها بطريقة منطقية ومبسّطة، الخرافات والصور المزيفة على وسائل التواصل.


© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
>