- قبل أقل من أسبوع، كان زعيم الشيشان القوي رمضان قاديروف يلهو على فيسبوك وإنستغرام، مزهوا بنفسه، حتى قرر الموقعان التخلص منه. كان حسابا قاديروف على فيسبوك وإنستغرام يعجّان بأمنياته وصوره الشخصية وكانت متاحة لجميع المستخدمين ليشاهدوها ويعلقوا عليها.
ونشر قاديروف صورة له مع الممثل جيرارد ديبارديو والملاكم فلويد مايويذر، كما نشر مقطع فيديو له وهو يوجه لكمات لوزير الرياضة داخل حلبة الملاكمة. وعرض اعتذارا مهينا من خصم سياسي في سيبيريا. ولعن الولايات المتحدة الأميركية واصفا إياها “أكبر داعم للإرهاب”.
لقد ساعد فريق من المصورين السينمائيين والفوتوغرافيين والكتّاب على صياغة تلك الشخصية “الساحرة القوية والمتوعدة” وهي الصفات التي تعمل كأداة ضرورية لتمكينه من “السيطرة السياسية”، وفقا لما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال العام الماضي.
ولكن تمّ محو كل ذلك الآن، في ما يبدو أنه أول مرة يتمّ حظر شخص ما علنا من موقع فيسبوك وإنستغرام بسبب العقوبات الأميركية. وتعتبر فيسبوك وإنستغرام بالإضافة إلى تويتر -الذي لم يحظر قاديروف- وسائل شعبية بالنسبة إلى أعضاء الحكومة الروسية للحصول على الكثير من المتابعين.
ومن بين مستخدمي فيسبوك الذين يخضعون للعقوبات الأميركية نائب رئيس الوزراء ديمتري روجوزين، ورئيس منطقة القرم سيرما اكسيونوف، ورئيس حزب “روسيا فقط” (Just Russia) سيرجي ميرونوف، والمفكر الروسي اليميني المتطرف ألكسندر دوغين.
ومن بين الشركات التي فُرضت عليها العقوبات، شركة روسيتش الروسية العسكرية العملاقة، وصحيفة أوكرانية مملوكة لفيكتور ميدفيدتشوك، وهو صديق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
فريق متخصص صاغ شخصية الزعيم الشيشاني القوية والساحرة على فيسبوك
وتضم قائمة العقوبات كذلك بعضا من رجال الحكومة النافذين مثل رؤساء مجلسي البرلمان، ورؤساء أجهزة الاستخبارات الرئيسية، وغيرهم من أفراد الإدارة الرئاسية رفيعي المستوى.
وغرد سام غرين على تويتر قائلا “على الرغم من سعادتي باختفاء قاديروف، إلا أن هذه سياسة سافرة. إذ أن السماح لحكومة الولايات المتحدة بتحديد إمكانية رؤية الأشخاص أو اختفائهم على الإنترنت هو نوع من الرقابة، وهو ما يضعف قدرة البنية التحتية الحالية للإنترنت على توفير منصة عالمية حيادية حقيقية”.
وقالت سارة تيروبرتس، الأستاذة المساعدة لدراسات المعلومات في جامعة كاليفورنيا “مرة أخرى نحن نتعامل مع انعدام الشفافية والتطبيق غير المتكافئ للقواعد”.
ولكن مازال من غير الواضح لماذا قرر فيسبوك التخلص من قاديروف وحذفه في حين أن حسابات العديد من السياسيين الآخرين ضمن قائمة العقوبات الأميركية في جميع أنحاء العالم على موقعي فيسبوك وإنستغرام مازالت تعمل بما في ذلك حسابات الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، والرئيس السوري بشار الأسد، بل وحتى قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.
وبعد اجتماعات مع الحكومة الإسرائيلية في سبتمبر الماضي، علقت فيسبوك حسابات العديد من الناشطين الفلسطينيين والصحافيين بعد أن أبلغهم المسؤولون الإسرائيليون عن “التحريض” حسب ادّعائهم. أما الحسابات التي تستخدم لغة عنيفة مماثلة ضد الفلسطينيين فلا تزال “غير مرئية” إلى حدّ كبير.
وفي ميانمار، اتهمت فيسبوك بفرض رقابة على انتهاكات حقوق الإنسان ضد أقلية الروهينغا المسلمة في البلاد. في لبنان، حصل أعضاء حزب الله على مقاعد في البرلمان. ومع ذلك يمنع فيسبوك هؤلاء السياسيين من التواجد على منصاته.
ورفض فيسبوك شرح “استراتيجية” حجب حسابات دون أخرى. وقالت متحدثة باسم الشركة لصحيفة الغارديان البريطانية الخميس “إننا نعمل تحت قيود القوانين الأميركية التي تختلف باختلاف الظروف”.
وقد أثارت القضية قلقا لدى نشطاء جماعات الحريات المدنية، الذين يقولون إن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة، تخدم السياسة الخارجية لواشنطن، وتستخدم لرقابة الخطاب السياسي.
يذكر أنه يتم فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك) وعادة ما تطبق على الأفراد الذين يشكلون تهديدا للأمن القومي الأميركي، سواء كان ذلك لانتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، أو لمشاركتهم في الاتجار بالمخدرات، أو الاتجار غير المشروع بالأسلحة أو الإرهاب.
ويحظر على الشركات والأفراد الأميركيين تقديم سلع أو خدمات أيّا كان نوعها للأشخاص الذين يوجدون في قائمات العقوبات، كما أن الأشخاص الذين ينتهكون القانون عمدا يواجهون الغرامات والسجن.
وقالت جينيفر غرانيك، المحامية في اتحاد الحريات المدنية الأميركية “من الواضح أن القانون يستهدف النشاط الاقتصادي ويطبق على فئة مختلفة تماما لقمعها عن التعبير”.
وأضافت “حقيقة ترك فيسبوك حسابات أفراد آخرين يشير إلى أن الشبكة الاجتماعية تخضع لضغوط من وراء الكواليس”. ويقول جيليان يورك، مدير حرية التعبير الدولي في مؤسسة الحدود الإلكترونية “يبدو الأمر حقا أنه يوحي بوجود تدخل حكومي”.