المقالات -
تحديات الاتصال السياسي للحاكم عبر وسائط التواصل الاجتماعي |
 : 1307 | |
|
الثلاثاء,11 يوليو 2017 - 02:18 م
سامية هاشم
وغالباً ما تستخدم النخب السياسية والسلطة الحاكمة وسائل الإعلام لبث خطابها السياسي والأيديولوجي بفاعلية، ولأغراض المناورات السياسية والعسكرية والدبلوماسية وإيصال الرسائل.
| 
اضغط للتكبير
|
| لا يخفى على المختصين في مجال الإعلام والاتصال الجماهيري الدور السياسي والحضاري والثقافي الذي تقوم به وسائل الإعلام في الترويج للقيم والمعايير وتسويق رؤية الحاكم والسياسي من خلال وسيلة الاتصال.
وغالباً ما تستخدم النخب السياسية والسلطة الحاكمة وسائل الإعلام لبث خطابها السياسي والأيديولوجي بفاعلية، ولأغراض المناورات السياسية والعسكرية والدبلوماسية وإيصال الرسائل، وللتحاور بين الدول وذلك عبر الأفكار التي تروجها وسائل الإعلام باعتبارها أدوات مملوكة لتلك النخب.
وتعمل السلطة السياسية على استثمار وسائل الاتصال للوصول إلى قلوب الجماهير قبل عقولهم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، ما قام به الرئيس الأميركي الأسبق روزفلت بتحويل ستين مليونا من مستمعي المذياع إلى عاشقين لأحاديثه وهم يتحلقون بجوار المواقد من خلال الاستخدام المبرمج لأجهزة الراديو التي بلغ عددها في بداية فترة حكمه، التي استمرت 12 عاماً، ثلاثة ملايين جهاز عام 1924، وفي عام 1935 أصبحوا ثلاثين مليوناً.
ثم جاء عصر التلفزيون في الخمسينات من القرن الماضي، ليدخل العالم في عصر الاتصال المرئي الذي استخدم في المناظرات بين المتنافسين على الرئاسة وكان أشهرها ما دار بين الرئيس كينيدي ومنافسه نيكسون على ترجيح كفة كينيدي مطلع ستينات القرن الماضي لاستخدامه لغة جديدة في الخطاب السياسي تعتمد على لغة الجسد والكاريزما.
وحدد الباحث مهرابيان، قياس الأثر الذي تحدثه اللغة المجسدة المرئية والتي تدرك بثلاث طرق:
* مرئية (باللغة الجسدية) تأثيرها 55 بالمئة.
* وصوتياً (بنبرات الصوت) تأثيرها 38 بالمئة.
* وشفهياً (بالكلمات) 7 بالمئة، فليس المهم ما تقوله الكلمات ولكن المهم وبنسبة 93 بالمئة كيف تقال تلك الكلمات.
وهذا ما اعتمده السياسي الشاب جون كينيدي من بعده، ليفوز برئاسة الولايات المتحدة الأميركية.
والنماذج العربية في هذا المجال كثيرة أبرزها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بلغته الجسدية المحببة للناس وبكلماته الحماسية التي مكّنته في ستينات القرن الماضي من أن يكتسح الشارع العربي حضورا عبر خطبه في التلفزيون.
وكذا حال الرئيس صدام حسين إبّان الحرب العراقية- الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، الذي صار البطل الأسطوري عند الجماهير العربية بلفافة التبغ والخوذة وطلقات البرنو التي يستعرض بها جيشه، لقد أضحت صورة الرمز حينها هي المسيطرة أكثر من الكلمات.
إن سحر هذه الرموز آخذ بالتلاشي والضمور، فلقد أوشكت حقبة التلفزيون على الانتهاء وجاء عصر وسائل التواصل الاجتماعي أو”السوشال ميديا” التي أتاحت الفرصة لكل فرد يمتلك حساباً رقمياً على الشبكة أن يصبح نجماً يتبعه الملايين، ليدخل المتلقي الجديد في عصر المرسِل الفرد، لتعلن عن خطورة التوظيف الجديد للصور والكلمات والمشاهد الحية.
ووسط هذا التزاحم بين النجوم ربما يشتت بعض الساسة والحكام، وأصبح دورهم في الإعلام الجديد غامضاً نوعاً ما، باستثناء بعض النماذج، فيتابع الناس قطعا ما يكتبه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تويتر، ويعتبر ذلك موقفا لسياسة الرئيس الجديد الذي يدير أكبر دولة عظمى في العالم.
وتشهد البيئات الغربية تواجدا كبيرا للسياسيين والنخب في مواقع التواصل الاجتماعي بما يعمل على إثارة الحراك السياسي كما أوردنا في تغريدات ترامب التي تعمل بين الحين والآخر على تغيير شكل التعاملات السياسية داخل أميركا وخارجها وإثارة الرأي العام وتهيجه.
إن فكرة الوصول إلى الجمهور المستهدف لا بد أن تجعل السياسي في الحكم أو المعارضة أو المنافس الشريك في تعديل مستمر بالتعاملات مع الجديد المؤثر في الرأي العام المحلي والدولي، وهي مهمة لا مناص من التعامل معها طالما أنك مهتم بهذا الجمهور من أجل قيادته والوصول إلى وعيه.
ونرى أن الإغراق في استخدام السوشال ميديا، والتوقيت هما مقتل تأثيرهما، فلا بد من دراسة دقيقة ترافق إطلاق تلك الرسائل اللحظوية، التي ينبغي أن تصل حين يكون الجمهور على استعداد لتلقفها، وإلّا سيكون المردود عكسيا وضارا، وهنا يبرز دور معرفة المزاج العام للجمهور، ومنحى توجهاته وسبر غور قناعاته التي قد لا تكون مهيّأة أو مستعدة لتقبل الرسائل.
أستاذة الاتصال الجماهيري في الجامعة الأميركية بالإمارات |
| |
|