الأخبار -
سنودن «باهت» في «المواطن الرابع»

: 343
الاربعاء,28 سبتمبر 2016 - 05:29 م
استوكهولم – فجر يعقوب

بالتزامن مع عرض فيلم «سنودن» للمخرج الأميركي اوليفر ستون في الصالات العالمية، وقبل أن يعلن عنه في الصالات المحلية، أعاد التلفزيون السويدي قبل أيام عرض فيلم «المواطن الرابع» للمخرجة الأميركية لورا بيوتراس.

سنودن «باهت» في «المواطن الرابع»
اضغط للتكبير
وهو يحكي عن الاتصالات المشفرة التي بدأها المتعاقد السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي ادوارد جوزيف سنودن مع المخرجة باسم «سيتيزن فور» ليشرح لها في فيلم وثائقي من إخراجها أسباب هروبه من الوكالة مع كنز لا يقدر من الوثائق التي تثبت قيامها (الوكالة) بالتجسس الشمولي على كل مواطني الكرة الأرضية تقريباً من طريق برنامج لجمع بيانات من مواقع مثل «فايسبوك»، «غوغل»، «ياهو»، «يوتيوب» وسواها.

الفيلم الذي حظي بمديح كثير في الصحافة على مدار العامين الماضيين، بدا باهتاً بعض الشيء، وكأن الأحداث المتسارعة من حوله استهلكت قصة سنودن نفسها، وضاعت مع زحمة الأخبار التي تنتشر برقياً في العالم، وحولتها الى «أقصوصات» متناثرة، كما كان يخشى هو، وربما كما يظهر في نهاية الفيلم وهو يجمع هذه الأقصوصات الورقية التي ستترك المشاهد على حيرة من أمره. فالمخرجة لم تحسم رأيها بخصوص المتعاقد الهارب من «أقوى أسلحة الاضطهاد التي ستعرفها البشرية من الآن فصاعداً» من خلال ما تقوم به وكالة الأمن القومي الأميركي من طريق التجسس والمتابعة التي ترسم معالم نظام شمولي متوحش لا يقف في بحثه عن المعلومات عند حد. كما لم تبحث ما اذا كان سنودن بطلاً أم لا، بل إنها لم تشرّح الدوافع التي اضطرته للقيام بذلك، أو سبب اختيارها شخصياً لتخرج هذا الفيلم عنه، ما خلا إشارتها في المقدمة الى كون الفيلم هو الأخير في ثلاثية بدأتها مع فيلم «موطني موطني» (2006)، ثم «غوانتانامو» (2008).

اذاً في عرف ادوارد سنودن، الهارب الشجاع، أن لورا بيوتراس هي «المختارة» التي سيقع عليها عبء إخراج الفيلم، مع ما يحمل ذلك من تبعات خطيرة قد تصل حد تهديد حياتها، أو تحويلها الى جحيم من قبل الحكومة الأميركية، كما حدث معها، فهي تتعرض للتفتيش الدائم في المطارات الأميركية في حلها وترحالها، وطالما صودرت أجهزتها الشخصية. بالطبع ستدرك بيوتراس أن اقتياد سنودن لها الى أحد فنادق هونغ كونغ ليشرح أمام الكاميرا «نظريته» حول البرنامج التجسسي الأقذر في تاريخ البشرية انما تنطوي على مخاطرة كبيرة، لهذا ربما اقتادت معها صحافيين استقصائيين معروفين من صحيفة «غارديان» البريطانية حتى من قبل أن تعرف من هو «المواطن الرابع» الذي قدم نفسه لها من طريق شيفرة التراسل ليكونا شاهدين على الريبورتاج المطول الذي تقوم عليه انطلاقاً من مدن كبيرة حول العالم مثل ريو دي جانيرو وبرلين.

لا شك في أن لورا بترايوس تمتلك حرفة صناعة الفيلم الوثائقي مع فيلمين مهمين على الأقل. وقد بدا هذا واضحاً في فيلمها عن سنودن من خلال الايقاع الذي اختارته على رغم دقة الموضوع وحساسيته، وربما التعقيدات التي تطاول العالم الرقمي الذي أصبح عليه الكون، مع ما يعني ذلك من مطالعة شيفرات قد تهز الأمن الشخصي لكل مواطن يعيش على سطح هذا الكوكب.

وبغض النظر عن اندفاع سنودن، وشجاعته في إفشاء سر هذا البرنامج التجسسي، إلا أن بترايوس، لم تتوغل عميقاً في الدوافع التي يقف وراءها الشاب المتعاقد مع وكالة الأمن القومي إلا من خلال رغبته بالظهور أمام الكاميرا ليقول ما في جعبته، ويحملها معه مخاطر خطوته التي قد تنتهي بقتله، أو بقتلهما معاً، كما قد يوحي بذلك الفيلم نفسه.

لكن أحلام ادوارد سنودن بالتحرر من هذه الرقابة الشمولية، ليحمي أفكاره، سرعان ما ربطها بترايوس بذكاء بحالمين آخرين يقدمون مشاريع قد تغير من سلطات الصحافة التقليدية والمراسلات، وتؤدي الى سلطات غارقة في شخصانية لا حدود لها كما هي حال جوليان آسانج صاحب تسريبات «ويكيليكس»، ولادار ليفجن مؤسس خدمة الفابيت البريدية التي لا يمكن تعقبها ببرامج التعقب الرقمية. في المقابل قد تكون اشارة سنودن نفسه الى كونه المواطن الرابع على قدر من نيته الاقتراب من درجات المواطن كين، فيلم مواطنه الأميركي اورسون ويلز، وحلمه ببناء القبة السماوية في سبيل ألا يضيع المجد. ليس هنا معرض الاشارة الى شخصية وسواسية على رغم الاضطراب الواضح الذي يبديه سنودن في غرفته وبخاصة عندما يقوم بتغطية رأسه بكيس أحمر وهو يدخل كلمة السر في الكومبيوتر بحضور صحافيي «غارديان» والمخرجة. هذا أمر بعيد كل البعد – ظاهرياً على الأقل – لكن ذلك لا يمنع من القول إن مرور عامين على الفيلم كانا كافيين لإمحاء الكثير من تأثيره عندما ظهر للنور للمرة الأولى. قد يصدق حدس ادوارد سنودن هنا ويتحول الى مجرد أقصوصات تائهة غامضة، حتى وان لم يرد أن يغرق فيها، من طريق مقاومته لهذا التشظي والتفكيك بإفشائه والإضاءة عليه.


Share/Bookmark

اقرأ ايضآ

  • مكافحة الاحتكار اليابانية تأمر «غوغل» بإصلاح «قواعد الإعلانات»
  • السعودية ضمن أوائل دول العالم في تطوير استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي
  • مشروع تايواني يفتح فصلا جديدا في صناعة الرقائق الأميركية
  • شركة تينسيت الصينية تجني 2.6 مليار دولار
  • الذكاء الاصطناعي يساعد شركات التأمين على رصد عمليات الاحتيال
  • فيسبوك
    تعليقات


    غزة وتوجهات جيل زد نحو تغيير قواعد الحوكمة العالمية
    كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن متغيرات جديدة فيما يتعلق بعملية صناعة وتشكيل الرأي العام العالمي و

    المغرب يدخل عصر صناعة البطاريات الالكترونية
    في خطوة مهمه لدعم الاقتصاد المغربي من جهة وصناعة السيارات من جهة اخرى اعلنت المملكة للمرة الأولى عن

    قانون الأسواق الرقمية الأوربية وحوكمة الشركات الكبرى
    في 6 مارس 2024 دخل حيز التنفيذ قانون الاسواق الرقمية،داخل الاتحاد الاوربي والذي تم اقراره عام 2022

    موضوعات جديدة
    الأكثر قراءة
    الأكثر تعليقا
    الى اي مدى انت راض على اداء المنصات الرقمية في الحرب على غزة ؟
    راضي
    غير راضي
    غير مهتم
     
        
    سيادة الدولة في العصر الرقمي للدكتور عادل عبد الصادق
    التاريخ